فصل: القراءات والوقوف:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.القراءات والوقوف:

قال النيسابوري:

.القراءات:

{كهيعص} بإمالة الهاء فقط: أبو عمرو {كهيعص} بإمالة الياء فقط: حمزة وخلف وقتيبة وابن ذكوان، وقرأ عليّ غير قتيبة ويحيى ويحيى وحماد بإمالتهما. وقرأ أبو جعفر ونافع والخزاعي عن البزي وابن فليح بين الفتح والكسر وإلى الفتح أقرب. الباقون بتفخيمها {صاد ذكر} مدغمًا: أبو عمرو وحمزة وخلف وابن عامر وسهل {من ورائي} بفتح الياء مهموزًا: ابن كثر غير زمعة والخزاعي عن البزي وقرأ زمعة عن ابن كثير والخزاعي عن البزي {من وراي} مثل {عصاي} {يرثني ويرث} بالجزم فيهما: أبو عمرو وعليّ. الباقون برفعهما {يبشرك} ثلاثيًا وكذلك في آخر السورة: حمزة {عتبًا} و{جثيًا} و{صليًا} و{بكيًا} بكسر الأوائل: حمزة وعلي وافق حفص إلا في {بكيًا} الخزاز عن هبيرة {عتبًا} الأولى بالكسر والثاني بالضم. {وقد خلقناك} حمزة وعلي. الآخرون {خلقتك} على التوحيد {إلى آية} بفتح الياء: أبو جعفر ونافع وأبو عمرو وابن شنبوذ عن أهل مكة.

.الوقوف:

{كهيعص} o كوفى {زكريا} o ح لجواز تعلق {إذ} ب {ذكر رحمة ربك} ولاحتمال انتصابه بأذكر محذوفًا. {خفيًا} o {شقيًا} o {ولياء} لا {آل يعقوب} ق والوجوه الوصل لعطف الجملتين المتفقتين {يحيى} لا لأن ما بعده صفة غلام والاستئناف ليس بقوي. {سميًا} o {عتيًا} o {كذلك} o بناء على أن التقدير الأمر كذلك {شيئًا} o {آية} ط {سويًا} o {وعشيًا} o {بقوة} ط {صبيًا} o لا للعطف أي آتيناه الحكم وحنانًا منا عليه {وزكاة} ط {تقيًا} o {عصيًا} o {حيًا} o. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

{كهيعص (1)}.
قبل الخوض في القراءات لابد من مقدمات ثلاثة.
المقدمة الأولى: أن حروف المعجم على نوعين ثنائي وثلاثي، وقد جرت عادة العرب أن ينطقوا بالثنائيات مقطوعة ممالة فيقولوا: با تا ثا وكذلك أمثالها، وأن ينطقوا بالثلاثيات التي في وسطها الألف مفتوحة مشبعة فيقولوا دال ذال صاد ضاد وكذلك أشكالها، أما الزاي وحده من بين حروف المعجم فمعتاد فيه الأمران، فإن من أظهر ياءه في النطق حتى يصير ثلاثيًا لم يمله، ومن لم يظهر ياءه في النطق حتى يشبه الثنائي يمله.
أما المقدمة الثانية: ينبغي أن يعلم أن إشباع الفتحة في جميع المواضع أصل والإمالة فرع عليه ولهذا يجوز إشباع كل ممال ولا يجوز إمالة كل مشبع من الفتحات.
المقدمة الثالثة: للقراء في القراءات المخصوصة بهذا الموضع ثلاثة طرق: أحدها: أن يتمسكوا بالأصل وهو إشباع فتحة الهاء والياء.
وثانيها: أن يميلوا الهاء والياء.
وثالثها: أن يجمعوا بين الأصل والفرع فيقع الاختلاف بين الهاء والياء فيفتحوا أحدهما أيهما كان ويكسروا الآخر ولهم في السبب الموجب لهذا الاختلاف قولان: الأول: أن الفتحة المشبعة أصل والإمالة فرع مشهور كثير الاستعمال فأشبع أحدهما وأميل الآخر ليكون جامعًا لمراعاة الأصل والفرع وهو أحسن من مراعاة أحدهما وتضييع الآخر.
القول الثاني: أن الثنائية من حروف المعجم إذا كانت مقطوعة كانت بالإمالة، وإذا كانت موصولة كانت بالإشباع وها ويا في قوله تعالى: {كهيعص} مقطوعان في اللفظ موصولان في الخط فأميل أحدهما وأشبع الآخر ليكون كلا الجانبين مرعيًا جانب القطع اللفظي وجانب الوصل الخطي، إذا عرفت هذا فنقول فيه قراءات: إحداها: وهي القراءة المعروفة فيه فتحة الهاء والياء جميعًا.
وثانيها: كسر الهاء وفتح الياء وهي قراءة أبي عمرو وابن مبادر والقطعي عن أيوب، وإنما كسروا الهاء دون الياء ليكون فرقًا بينه وبين الهاء الذي للتنبيه فإنه لا يكسر قط.
وثالثها: فتح الهاء وكسر الياء وهو قراءة حمزة والأعمش وطلحة والضحاك عن عاصم، وإنما كسروا الياء دون الهاء، لأن الياء أخت الكسرة وإعطاء الكسرة أختها أولى من إعطائها إلى أجنبية مفتوحة للمناسبة.
ورابعها: إمالتهما جميعًا وهي قراءة الكسائي والمفضل ويحيى عن عاصم والوليد بن أسلم عن ابن عامر والزهري وابن جرير وإنما أمالوهما للوجهين المذكورين في إمالة الهاء وإمالة الياء.
وخامسها: قراءة الحسن وهي ضم الهاء وفتح الياء، وعنه أيضًا فتح الهاء وضم الياء، وروى صاحب (الكشاف) عن الحسن بضمهما، فقيل له لم تثبت هذه الرواية عن الحسن لأنه أورد ابن جني في كتاب (المكتسب) أن قراءة الحسن ضم أحدهما وفتح الآخر لا على التعيين، وقال بعضهم: إنما أقدم الحسن على ضم أحدهما لا على التعيين لأنه تصور أن عين الفعل في الهاء والياء ألف منقلب عن الواو كالدار والمال، وذلك لأن هذه الألفات وإن كانت مجهولة لأنها لا اشتقاق لها فإنها تحمل على ما هو مشابه لها في اللفظ.
والألف إذا وقع عينًا فالواجب أن يعتقد أنه منقلب عن الواو لأن الغالب في اللغة ذلك فلما تصور الحسن أن ألف الهاء والياء منقلب عن الواو جعله في حكم الواو وضم ما قبله لأن الواو أخت الضمة.
وسادسها: ها يا بإشمامهما شيئًا من الضمة.
المسألة الثالثة:
قرأ أبو جعفر كهيعص يفصل الحروف بعضها من بعض بأدنى سكتة مع إظهار نون العين وباقي القراء يصلون الحروف بعضها ببعض ويخفون النون.
المسألة الثالثة:
القراءة المعروفة صاد، ذكر بالإدغام، وعن عاصم ويعقوب بالإظهار.
البحث الثاني: المذاهب المذكورة في هذه الفواتح قد تقدمت لكن الذي يختص بهذا الموضع ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن قوله تعالى كهيعص ثناء من الله على نفسه، فمن الكاف وصفه بأنه كاف ومن الهاء هاد ومن العين عالم ومن الصاد صادق.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أيضًا أنه حمل الكاف على الكبير والكريم، ويحكى أيضًا عنه أنه حمل الياء على الكريم مرة وعلى الحكيم أخرى، وعن الربيع بن أنس في الياء أنه من مجير، وعن ابن عباس رضي الله عنهما في العين أنه من عزيز ومن عدل، وهذه الأقوال ليست قوية لما بينا أنه لا يجوز من الله تعالى أن يودع كتابه ما لا تدل عليه اللغة لا بالحقيقة ولا بالمجاز لأنا إن جوزنا ذلك فتح علينا قول من يزعم أن لكل ظاهر باطنًا، واللغة لا تدل على ما ذكروه فإنه ليست دلالة الكاف أولى من دلالته على الكريم أو الكبير أو على اسم آخر من أسماء الرسول صلى الله عليه وسلم أو الملائكة أو الجنة أو النار فيكون حمله على بعضها دون البعض تحكمًا لا تدل عليه اللغة أصلًا.
{ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2)}.
فيه مسائل:
المسألة الأولى:
في لفظة ذكر أربع قراءات صيغة المصدر أو الماضي مخففة أو مشددة أو الأمر، أما صيغة المصدر فلابد فيها من كسر {رحمة ربك} على الإضافة ثم فيها ثلاثة أوجه: أحدها: نصب الدال من عبده والهمزة من زكرياء وهو المشهور.
وثانيها: برفعهما والمعنى وتلك الرحمة هي عبده زكرياء عن ابن عامر.
وثالثها: بنصب الأول وبرفع الثاني والمعنى رحمة ربك عبده وهو زكرياء.
وأما صيغة الماضي بالتشديد فلابد فيها من نصب رحمة.
وأما صيغة الماضي بالتخفيف ففيها وجهان.
أحدهما: رفع الباء من {ربك} والمعنى ذكر ربك عبده زكرياء.
وثانيها: نصب الباء من {ربك} والرفع في عبده زكرياء وذلك بتقديم المفعول على الفاعل وهاتان القراءتان للكلبي، وأما صيغة الأمر فلابد من نصب {رحمة} وهي قراءة ابن عباس.
واعلم أن على تقدير جعله صيغة المصدر والماضي يكون التقدير هذا المتلو من القرآن ذكر رحمة ربك.
المسألة الثانية:
يحتمل أن يكون المراد من قوله رحمة ربك أعني عبده زكرياء ثم في كونه رحمة وجهان: أحدهما: أن يكون رحمة على أمته لأنه هداهم إلى الإيمان والطاعات.
والآخر: أن يكون رحمة على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى أمة محمد لأن الله تعالى لما شرح لمحمد صلى الله عليه وسلم طريقه في الإخلاص والابتهال في جميع الأمور إلى الله تعالى صار ذلك لفظًا داعيًا له ولأمته إلى تلك الطريقة فكان زكرياء رحمة، ويحتمل أن يكون المراد أن هذه السورة فيها ذكر الرحمة التي رحم بها عبده زكرياء.
{إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا (3)}.
راعى سنة الله في إخفاء دعوته لأن الجهر والإخفاء عند الله سيان فكان الإخفاء أولى لأنه أبعد عن الرياء وأدخل في الإخلاص.
وثانيها: أخفاه لئلا يلام على طلب الولد في زمان الشيخوخة.
وثالثها: أسره من مواليه الذين خافهم.
ورابعها: خفي صوته لضعفه وهرمه كما جاء في صفة الشيخ صوته خفات وسمعه تارات، فإن قيل من شرط النداء الجهر فكيف الجمع بين كونه نداء وخفيًا، والجواب من وجهين: الأول: أنه أتى بأقصى ما قدر عليه من رفع الصوت إلا أن الصوت كان ضعيفًا لنهاية الضعف بسبب الكبر فكان نداء نظرًا إلى قصده وخفيًا نظرًا إلى الواقع.
الثاني: أنه دعا في الصلاة لأن الله تعالى أجابه في الصلاة لقوله تعالى: {فَنَادَتْهُ الملائكة وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلّى في المحراب أَنَّ الله يُبَشّرُكَ بيحيى} [آل عمران: 39] فكون الإجابة في الصلاة يدل على كون الدعاء في الصلاة فوجب أن يكون النداء فيها خفيًا.
{قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4)}.
القراءة فيها مسائل:
المسألة الأولى:
قرئ {وَهَنَ} بالحركات الثلاث.
المسألة الثانية:
إدغام السين في الشين {من الرأس شيبًا} عن أبي عمرو.
المسألة الثالثة:
{وَإِنّي خِفْتُ الموالى} بفتح الياء وعن الزهري بإسكان الياء من الموالي وقرأ عثمان وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وسعيد بن جبير وزيد بن ثابت وابن عباس خفت بفتح الخاء والفاء مشددة وكسر التاء وهذا يدل على معنيين: أحدهما: أن يكون ورائي بمعنى بعدي والمعنى أنهم قلوا وعجزوا عن إقامة الدين بعده فسأل ربه تقويتهم بولي يرزقه.
والثاني: أن يكون بمعنى قدامي والمعنى أنهم خفوا قدامه ودرجوا ولم يبق من به تقو واعتضاد.
المسألة الرابعة:
القراءة المعروفة: {مِن وَرَائِى} بهمزة مكسورة بعدها ياء ساكنة وعن حميد بن مقسم كذلك لكن بفتح الياء وقرأ ابن كثير {وراي} كعصاي.
المسألة الخامسة:
من يرثني ويرث وجوه: أحدها: القراءة المعروفة بالرفع فيهما صفة.
وثانيها: وهي قراءة أبي عمرو والكسائي والزهري والأعمش وطلحة بالجزم فيهما جوابًا للدعاء.
وثالثها: عن علي ابن أبي طالب وابن عباس وجعفر بن محمد والحسن وقتادة: {يَرِثُنِى} جزم وارث بوزن فاعل.
ورابعها: عن ابن عباس: {يَرِثُنِى} وارث من آل يعقوب.
وخامسها: عن الجحدري {وَيَرِثُ} تصغير وارث على وزن أفيعل (اللغة) الوهن ضعف القوة قال في (الكشاف) شبه الشيب بشواظ النار في بياضه وإنارته وانتشاره في الشعر وفشوه فيه وأخذه كل مأخذ كاشتعال النار ثم أخرجه مخرج الاستعارة ثم أسند الاشتعال إلى مكان الشعر ومنبته وهو الرأس وأخرج الشيب مميزًا ولم يضف الرأس اكتفاء بعلم المخاطب أنه رأس زكريا فمن ثم فصحت هذه الجملة، وأما الدعاء فطلب الفعل ومقابله الإجابة كما أن مقابل الأمر الطاعة، وأما أصل التركيب في (ولي) فيدل على معنى القرب والدنو يقال وليته أليه وليًا أي دنوت وأوليته أدنيته منه وتباعد ما بعده وولي ومنه قول ساعدة (ابن جؤبة):
وعدت عواد دون وليك تشغب

وكل مما يليك وجلست مما يليه ومنه الولي وهو المطر الذي يلي الوسمي، والولية البرذعة لأنها تلي ظهر الدابة وولي اليتيم والقتيل وولي البلد لأن من تولى أمرًا فقد قرب منه، وقوله تعالى: {فَوَلّ وَجْهَكَ شَطْرَ المسجد الحرام} [البقرة: 144، 149، 150] من قولهم ولاه بركنه أي جعله مما يليه، أما ولي عني إذا أدبر فهو من باب تثقيل الحشو للسلب وقولهم فلان أولى من فلان أي أحق أفعل التفضيل من الوالي أو الولي كالأدنى والأقرب من الداني والقريب وفيه معنى القرب أيضًا لأن من كان أحق بالشيء كان أقرب إليه والمولى اسم لموضع الولي كالمرمى والمبني اسم لموضع والمرمي والبناء، وأما العاقر فهي التي لا تلد والعقر في اللغة الجرح ومنه أخذ العاقر لأنه نقص أصل الخلقة وعقرت الفرس بالسيف إذا ضربت قوائمه، وأما الآل فهم خاصة الرجل الذين يؤول أمرهم إليه ثم قد يؤول أمرهم إليه للقرابة تارة وللصحبة أخرى كآل فرعون وللموافقة في الدين كآل النبي صلى الله عليه وسلم واعلم أن زكرياء عليه السلام قدم على السؤال أمورًا ثلاثة:
أحدها: كونه ضعيفًا.
والثاني: أن الله تعالى ما رد دعاءه ألبتة.
والثالث: كون المطلوب بالدعاء سببًا للمنفعة في الدين ثم بعد تقرير هذه الأمور الثلاثة صرح بالسؤال.
أما المقام الأول: وهو كونه ضعيفًا فأثر الضعف، إما أن يظهر في الباطن أو في الظاهر، والضعف الذي يظهر في الباطن يكون أقوى مما يظهر في الظاهر فلهذا السبب ابتدأ ببيان الضعف الذي في الباطن وهو قوله: {وَهَنَ العظم مِنّى} وتقريره هو أن العظام أصلب الأعضاء التي في البدن وجعلت كذلك لمنفعتين: إحداهما: لأن تكون أساسًا وعمدًا يعتمد عليها سائر الأعضاء الآخر إذ كانت الأعضاء كلها موضوعة على العظام والحامل يجب أن يكون أقوى من المحمول.